كتاب الأذكار المتفرّقة
اعلم أن هذا الكتاب أنثرُ فيه إن شاء اللّه تعالى أبواباً متفرّقة من الأذكار والدعواتِ يعظم الانتفاعُ بها إن شاء اللّه تعالى، وليس لها ضابطٌ نلتزمُ ترتيبها بسببه، واللّه الموفّق.
بابُ استحباب حمد اللّه تعالى والثناء عليه عندَ البِشارةِ بما يَسُرُّه
اعلم أنه يُستحبّ لمن تجدّدتْ له نعمةٌ ظاهرة، أو اندفعتْ عنه نقمةٌ ظاهرة أن يسجد شكراً للّه تعالى، وأن يحمدَ اللّه تعالى أو يثني عليه بما هو أهله، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة مشهورة.
1/754 روينا في صحيح البخاري، عن عمرو بن ميمون في مقتل عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه في حديث الشورى الطويل؛
أن عمر رضيَ اللّه عنه أرسلَ ابنه عبد اللّه إلى عائشة رضي اللّه عنها يستأذنُها أن يُدفن مع صاحبيه، فلما أقبلَ عبدُ اللّه قال عمر: ما لديك؟ قال: الذي تُحبُّ يا أميرَ المؤمنين، أذِنَتْ، قال: الحمدُ للّه ما كان شيءٌ أهمَّ إليّ من ذلك
.(1)
بابُ ما يقولُ إذا سمع صِياحَ الدِّيكِ ونهيقَ الحِمار ونُباحَ الكَلْبِ
1/755 روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرةَ رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "إذَا سَمِعْتُمْ نُهَاقَ الحَمِيرِ فَتَعَوَّذُوا باللّه مِنَ الشَّيْطانِ، فإنَّهَا رأتْ شَيْطاناً؛ وَإذا سَمِعْتُمْ صِياحَ الدّيَكَةِ فاسْأَلُوا اللّه مِنْ فَضْلِهِ فإنَّها رأتْ مَلَكاً". (2)
2/756 وروينا في سنن أبي داود، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:"إذَا سَمِعْتُمْ نُباحَ الكِلابِ وَنَهِيقَ الحَمِيرِ باللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا باللَّهِ، فإنَّهُنَّ يَرَيْنَ ما لا تَرَوْنَ".(3)
بابُ ما يَقولُ إذا رأى الحريق
1/757 روينا في كتاب ابن السني، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جدّه رضي اللّه عنه قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إِذَا رأيْتُمُ الحَرِيقَ فَكَبِّرُوا، فَإِنَّ التَّكْبِيرَ يُطْفئُهُ"
.(4)
ويُستحبّ أن يدعوَ مع ذلك بدعاء الكرْب وغيره مما قدَّمناه في كتاب الأذكار للأمور العارضات وعند العاهات والآفات.
بابُ ما يقولُه عندَ القِيام مِنَ المجلسِ
1/758 روينا في كتاب الترمذي وغيره، عن أبي هُريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ فَكَثُرَ فِيهِ لغَطُهُ فَقالَ قَبْلَ أنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذلكَ: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ ما كَانَ في مَجْلِسِهِ ذلكَ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح. (5)
2/759 وروينا في سنن أبي داود وغيره، عن أبي برزةَ رضي اللّه عنه ـ واسمه نضلة ـ قال: كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول بأخَرَةٍ إذا أراد أن يقوم من المجلس: سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إِلَيْكَ، فقال رجل: يا رسول اللّه! إنك لتقول قولاً ما كنتَ تقولُه فيما مضى، قال: ذلكَ كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ في المَجْلِسِ" ورواه الحاكم في المستدرك من رواية عائشة رضي اللّه عنها وقال: صحيح الإِسناد. قلت: قوله بأَخَرة، وهو بهمزة مقصورة مفتوحة وبفتح الخاء، ومعناه: في آخر الأمر. (6)
3/760 وروينا في حلية الأولياء، عن عليّ رضي اللّه عنه قال: مَن أحبّ أن يكتالَ بالمكيال الأوفى فليقلْ في آخر مجلسه أو حين يقول: سبحانَ ربِّك ربّ العزّة عمّا يَصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ للّه رب العالمين. (7)
بابُ دُعاءِ الجَالسِ في جمعٍ لنفسِه ومَنْ مَعَه
1/761 روينا في كتاب الترمذي، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قلَّما كانَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقومُ من مجلس حتى يدعوَ بهؤلاء الدعوات لأصحابه: "اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنا مِنْ خَشْيَتِكَ ما يَحُولُ بَيْنَنا وبَيْنَ مَعاصِيكَ، وَمِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقين ما تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنا مَصَائبَ الدُّنْيا؛ اللَّهُمَّ مَتِّعْنا بأسْماعنا وأبْصَارِنا وَقُوَّتِنا ما أحْيَيْتَنا، واجْعَلْهُ الوَارِثَ منَّا، وَاجْعَلْ ثأْرنا على مَنْ ظَلَمَنا، وانْصُرْنا على مَنْ عادَانا وَلا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنا، وَلا تَجْعَلِ الدُّنْيا أكْبَرَ هَمِّنا وَلا مَبْلَغَ عِلْمِنا، وَلا تُسَلِّط عَلَيْنا مَنْ لا يَرْحمُنا" قال الترمذي: حديث حسن. (8)
بابُ كَراهةِ القِيَام مِن المجلسِ قبلَ أنْ يذكرَ اللّه تعالى
1/762 روينا بالإِسناد الصحيح في سنن أبي داود وغيره، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعالى فِيهِ إِلاَّ قامُوا عَنْ مثْلِ جِيفَةِ حِمارٍ وكانَ لَهُمْ حَسْرَةً".(9)
3/763 وروينا فيه، عن أبي هريرة أيضاً، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ قَعَدَ مَقْعَداً لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ تَعالى فِيهِ كانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ، وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضْجَعاً لا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعالى فيهِ كانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللّه تِرَةٌ"
(10)قلت: تِرَة بكسر التاء وتخفيف الراء، ومعناه: نقص، وقيل تبعة؛ ويجوز أن يكون حسرة كما في الرواية الأخرى.
3/764 وروينا في كتاب الترمذي، عن أبي هريرة أيضاً، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما جَلَس قَوْمٌ مَجْلِساً لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ تَعالى فِيهِ ولَمْ يُصَلُّوا على نَبِيِّهمْ فِيهِ إِلاَّ كانَ عَلَيْهِمْ تِرَةٌ، فإنْ شاءَ عَذبهُمْ، وَإنْ شاءَ غَفَرَ لَهُم" قال الترمذي: حديث حسن.
(11)
بابُ الذِّكْرِ في الطَّرِيْق
1/765 روينا في كتاب ابن السني، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما مِنْ قَوْمٍ جَلَسُوا مَجْلِساً لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ إِلاَّ كانَتْ عَلَيْهِمْ تِرَةٌ، ومَا سَلَكَ رَجُلٌ طَرِيقاً لمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيه إِلاَّ كانَتْ عَلَيْهِ تِرةٌ".(12)
2/766 وروينا في كتاب ابن السني ودلائل النبوّة للبيهقي، عن أبي أُمامةَ الباهلي رضي اللّه عنه قال: أتى رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم جبريلُ صلى اللّه عليه وسلم وهو بتبوك فقال: "يا مُحَمَّدُ! اشْهَدْ جَنازَةَ مُعاوِيَةَ بْنِ مُعاوِيَةَ المُزَنِيّ، فخرجَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ونزلَ جبريلُ عليه السلام في سبعين ألفاً من الملائكة، فوضعَ جناحَه الأيمن على الجبال فتواضعتْ ووضع جناحَه الأيسر على الأرضين فتواضعت، حتى نظرَ إلى مكة والمدينة، فصلَّى عليه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجبريلُ والملائكةُ عليهم السلام؛ فلما فرغ قال: يا جبْرِيل! بِمَ بَلَغَ مُعاوِيَةُ هَذِهِ المَنْزِلَةَ؟ قال: بِقِرَاءَتِه: قُلْ هُوَ اللّه أحَدٌ قائماً وَرَاكباً ومَاشياً".
(13)
بابُ ما يقولُ إذا غَضِبَ
قال اللّه تعالى: {وَالكاظمينَ الغَيْظَ} [آل عمران:134] الآية، وقال تعالى: {وإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فاسْتَعِذْ باللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العليمُ} [فصلت:36].
1/767 وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه؛ أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "ليسَ الشديدُ بالصّرعَةِ، إنما الشديدُ الذي يملكُ نفسَهُ عند الغضب".(14)
2/768 وروينا في صحيح مسلم، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فيكُمْ؟ قلنا: الذي لا تصرعُه الرجالُ، قال: لَيْسَ بذلكَ، وَلَكِنَّهُ الَّذي يَمْلكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَب" (15)قلت: الصُّرَعة بضم الصاد وفتح الراء، وأصله الذي يَصرعُ الناسَ كثيراً كالهُمزة واللُّمزة الذي يَهمزهم كثيراً.
3/769 وروينا في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه، عن معاذ بن أنس الجهني الصحابي رضي اللّه عنه
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَهُوَ قادِرٌ على أنْ يُنَفِّذَهُ دَعاهُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى على رُؤوس الخَلائِقِ يَوْمَ القِيامَةِ حتَّى يُخَيِّرَهُ مِنَ الحُورِ ما شاءَ"
قال الترمذي: حديث حسن.
(16)
4/770 وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن سليمان بن صُرَد الصحابي رضي اللّه عنه قال:
كنتُ جالساً مع النبيّ صلى اللّه عليه وسلم ورجلان يَسْتَبَّان، وأحدُهما قد احمرّ وجهُه وانتفختْ أوداجُه، فقال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إني لأعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ ما يَجدُ، لَوْ قالَ: أعُوذُ باللّه مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ، ذَهَبَ مِنْهُ ما يَجِدُ" فقالوا له: إن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قال: تَعَوَّذْ باللّه منَ الشَّيْطانِ الرَّجِيم، فقال: وهل بي من جنون؟
(17)
5/771 ورويناه في كتابي أبي داود والترمذي بمعناه، من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه، عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم، قال الترمذي: هذا مرسل. يعني أن عبد الرحمن لم يُدْرك معاذاً.
(18)
6/772 وروينا في كتاب ابن السني، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: دخلَ عليّ النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم وأنا غَضْبى، فأخذَ بطرفِ المِفصل من أنفي فعركه ثم قال: "يا عُوَيْشُ قُولي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي وأذْهِبْ غَيْظَ قَلْبِي، وأجِرْني مِنَ الشَّيْطانِ".
(19)
7/773 وروينا في سنن أبي داود، عن عطيةَ بن عروةَ السعديّ الصحابي رضي اللّه عنه قال:
قال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إِنَّ الغَضَبَ مِنَ الشَّيْطانِ، وَإِنَّ الشَّيْطانَ خُلق من النار ، وإنما تطفأ النار بالماء ، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ "
(20)